الأحد، يونيو 09، 2013

كي لا تكون ثرثرة حول النيل..

محمد منصور

العقل نعمة وهبها الله تعالى للبشر، كي نعمله بالتفكر والتدبر في الأمور قبل أن نتبنى المواقف.. في قضية سد أثيوبيا التى طغت على الساحة مؤخرا، وبعد سقطة الحوار الوطني المذاع على الهواء بكل ما فيه من مساوئ، وبمتابعة ردود الأفعال العنترية والمنفعلة للموضوع برمته، لا يسعنا إلا أن نردد القول الشائع: "يا مثبت العقل والدين"!

يا سادة: أنزل الله تعالى الأمطار الغزيرة لآلاف السنين على هضبة الحبشة وبحيرات أواسط أفريقيا، وأجرى النيل وجمع روافده في السودان، وجعل آخره مرورا ومصبا في مصر. كل دول حوض النيل بإستثناء مصر غنية في موارد المياة والمراعي. مصرهي أدنى دول حوض النيل إسهاما في النهر وأكثرها إعتمادا عليه وإحتياجا له، بل لا يعود أي نفع من مصر على تلك الدول. الماء الذي هو مادة الحياة، والتربة الخصبة اللازمة للزراعة، كلاهما آتيان بفضل الله من خارج مصر، آتيان من جغرافية أثيوبيا وجنوب السودان وباقي دول حوض النهر. في أي عقل، وفي أي عرف سياسي أو دولي، يتم التعامل مع تلك الأزمة المعقدة بذلك الأسلوب الرديء ودعوات إستعداء شعوب وحكومات الدول التي يأتي ماؤنا من سمائهم وطيننا من أرضهم؟ بل ونذيع على العالم ذلك التناول الفاشل، والغير قانوني، والإستعلائي، في التعامل مع الأزمة!

وفي المقابل، عندما قام البعض بالدعوة للإعتذار لشعوب إثيوبيا والسودان عما بدر من إساءات في ذلك الحوار كمبادرة ديبلوماسية لجبر الخطأ وتلطيف الأجواء، إذا بصيحات الإستنكار والهجوم والبغضاء تتصاعد كالعادة..! ولا أدري كيف نعقل أو نقيس الأمور!.. نحن في موقع المتلقي لماء نهر عظيم لم نسهم فيه بشيء سوى إنه يأتينا، وفي ظل ظروف إقتصادية وسياسية وأمنية داخلية في غاية الصعوبة، وتدهور في الأوضاع، ثم يقوم البعض بإظهار المعاداة والإساءة لتلك الدول في خضم الأزمة، بل ويستنكرون الحلول الديبلوماسية.. أين الحكمة والمسئولية والواقعية..!

لم يقل أحد بالتهاون في حقوق مصر ومقدرات شعبها من قريب أو بعيد، ولكن إن لم نكن نعرف الفرق بين "الديبلوماسية" و"التهاون"، أو بين "الشفافية" و"فضح الذات"، أو بين "التشاور" و"الثرثرة"، فنحن في أزمة أكبر وأعمق مما نتصور!

قطعا إن شروع إثيوبيا في بناء السدود على روافد النيل الأزرق يمثل تهديدا عظيما للأمن المائي لمصر، ولكن العقل يحتم التعامل بديبلوماسية مع الأزمة. من دواعي الحكمة -حتى بإفتراض أن مصر دولة قوية لها هيبتها بين دول حوض النيل- لا ينبغي إستعداء من يأتي ماؤنا عبر أرضهم.

نحن نؤمن أن الله تعالى هو منزل الغيث، ولكن لحكمة يعلمها سبحانه جعل الماء يهبط بغزارة في أرض غير مصر، ثم أجراه إلى مصر وهي صحراء غير ممطرة حتى كتب التاريخ إن "مصر هبة النيل". أليس من العقل كسب الأخوة الأفارقة والتعامل مع الأمر بحكمة ومسئولية حقيقية بالتفكير في حلول (ديبلوماسية - وتكنولوجية - وإقتصادية) لتلك الأزمة بدلا من العنتريات الفارغة؟.. أليس من العار علينا أن تقوم شركات من آسيا وأوروبا وغيرها بالتقدم بالخبرات والمساعدات والإستثمارات لإثيوبيا في شتى المجالات، بينما مصر في موقف الخصم المستبعد الكسول ذي المطالب والشكاوى والتهديد والوعيد، بدلا من أن تكون صاحبة مبادرات حقيقية لمساعدة إثيوبيا، ودول القارة السمراء، في أمور التنمية المختلفة، والتي ربما لو كنا قد قدمناها في الماضي القريب لما تفاقمت مشكلة السدود من الأساس؟

أين ذهبت قوة مصر القارية، والتي كانت منذ ما يزيد عن قرن من الزمان الدولة الوحيدة في أفريقيا (ومن الدول القليلة في العالم) التي بها جامعات، ومصانع، وشبكات مواصلات، وخطوط سكة حديد، ومراكز تجارية وثقافية وحضارية..؟ مصر التي تبنت مساعدة دول القارة السمراء في سنوات نضالها الوطني؟ مصر التي ساهمت في تأسيس وإستضافة وتمويل المنظمات الإفريقية والإتحادات الرياضية المختلفة في القارة؟ مصر الأزهر والجامعة المصرية التي قدمت المنح التعليمية لأبناء القارة..؟ أسئلة تستدعي التفكر في إجابات شافية.. وعلى كل، لن تستطيع مصر تقديم أي مساعدات في ظروفها الحالية إن لم تنجح في تحقيق المصالحة الوطنية أولا، وهو موضوع آخر.

نهر النيل مثل شجرة عظيمة، جذورها في أفريقيا (إثيوبيا)، وساقها في السودان، وغصونها في مصر. هل يعقل أن نسئ لساقنا وجذورنا بدلا من التواصل المباشر معهم لفهم الخلل وعلاجه..!

مثل تلك الأمور، والتعامل الناجح مع دول حوض النيل، هي من صميم حماية الأمن "الوجودي"، وليس فقط (القومي)، فماء الحياة القادم من دول حوض النيل يحتم علينا حسن التعامل مع تلك الشعوب ومحاولة فهم دوافعها وإحتياجاتها، والعمل على الدخول الفوري في علاقات مباشرة وصديقة معها بتقديم خدمات حقيقية مقابل ضمان الأمن المائي القومي والذي لن تتنازل مصر عنه.

وكي لا تكون ثرثرة حول النيل، فلنحمي إذن ماء نيلنا بشِرْى خبراتنا وعرقنا. فماء النيل قد لا يعد هبة بعد اليوم..

الثلاثاء، فبراير 26، 2013

آلإنسان أكرم أم النمل..!؟

محمد منصور
ماذا تفعل عندما يقع بصرك على مجموعة من النمل أو نملة وهي تنشط؟.. أتتدخل في شأنها وتعوق طريقها، أم تتأملها بتدبر وإعجاب متفكرا في عظمة الخالق سبحانه؟.. أتحاول تحطيمها بإصبعك مستمتعا بقوتك الهائلة عليها - كنوع من الإفتراء العبثي الإنساني - أم تتركها وشأنها في عالمها؟..

تلك النملة، التي قد تحتقرها أو تهمل وجودها من الوجود (أو من إدراكك للوجود)، هل فكرت لوهلة أنها قد تكون على قدر كبير من الأهمية، وأن لها مخاوف ومطالب تستوجب الإستماع والإحترام والإستجابة - بتوجيه من رب العالمين!؟..

أتذكر قصة قرآنية قصيرة، ولكن فيها الحكمة والعبرة، قصة نملة خرجت تحذر قومها من تحطيم {سليمان وجنوده} لهم {وهم لا يشعرون}.. أمر غريب؛ فبعد أن تكلم سليمان عليه السلام عن علمه ب{منطق الطير}؛ و بعد أن حشر له {جنوده من الجن والإنس والطير..}؛ ووسط ذلك المشهد القرآني المهيب - إذا به يسمع ما تقوله تلك النملة - بلغة ما يعلمها الله - ويفهمه، فيتبسم {ضاحكا من قولها}، ومن ثم، يستجيب لمخاوفها بحماية فصيلها من الدمار، ويشكر ربه على النعمة!..

العجيب أن النملة تعرف سليمان بالإسم، وتعرف أن له جنود، وتعرف أنهم قد يدمروا النمل، وتعرف أنهم قد يفعلوا ذلك "وهم لا يشعرون"! فقالت تحذيرها الشهير للنمل، وكلهم يعرفون ما تقصد! وربما كان ذلك من أسباب ضحك سليمان عليه السلام! وربما أنها تعرف أكثر كثيرا من ذلك، ولكن القرآن لم يستفض في الأمر، وكانت الإشارة هنا كافية لمن يريد التفكر والتدبر.

النملة صغيرة حقا، ولكن الله عز وجل قد أعطاها حيزا كبيرا من الإهتمام بعد أن أسمع سليمان مخاوفها..! فعلى الرغم من أن السورة تتحدث عن سليمان عليه السلام بالأساس وعن عدد من مواضيع العقيدة والإيمان، إلا أنها سميت ب "سورة النمل"!

وعجائب تلك السورة لا تتوقف عند عالم النمل، بل تشمل أيضا عالم الطير والهدهد الذي أكرمه الله أن أحاط بشيء لم يحط به سليمان، وجاءه {من سبأ بنبأ يقين}! وتشمل كذلك عالم الجن، وملكة سبأ، وتمكين الله لسليمان أن يأتيه {الذي عنده علم من الكتاب} بعرشها قبل أن يرتد إليه طرفه، وغيرها..!
الإستشهاد بقصة النملة يأتي لإستشعار التوجيه الرباني الداعي للإنتباه إلى - وإحترام - مخاوف الضعيف، الذي غالبا ما نغفل عنه و لا ندري «وجوده» و«حقوقه» و«معارفه» و«قدراته».. توجيه رباني، أولا لنبيه سليمان (بكل ما أتاه الله من ملك وقوة وإمكانات تفوق جميع المخلوقات)، وثانيا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وللمسلمين من بعده، خاصة كل من يتولى المسئولية وصلاحيات ممارسة السلطة والرعاية للناس..

من هنا نقول؛ إن أحد أهم خصائص «الحكم الرشيد» هو إهتمام الحاكم بأكثر فئات المجتمع ضعفا أيا كانت، والتعهد بحمايتها وإحترام ضعفها ومخاوفها وحقوقها..

للأسف، في وقتنا هذا، في ظل طبيعة الحياة السياسية الصاخبة بكل تروسها الدائرة بلا رحمة والتصارع المستعر فيها بين الكبار والأقوياء وأصحاب النفوذ والأموال، تضمئل، بل تختفي، مطالب وحقوق الصغار والضعفاء..

فعلى كل حاكم ومسئول أن يضع الأمور في نصابها، وأن يعدل، وأن يبدأ بالمهمل والضعيف، فلا أحد يدري من أكثر الناس دراية وعلما ومن أكثرهم كرامة عند الله..! ففي الحديث: (رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره) [مسلم].

لن أتناول هنا الدراسات الحديثة عن عالم النمل، ولا عن ما كتب عن نظام الحكم «الملكي الديمقراطي» في مستعمرات النمل والعلاقة بين الملكة والشغالات والذكور، ولا عن النشاط العجيب والعمل الدؤوب والقوة الفائقة للنمل، ولا عن الإعجاز التصميمي والإنشائي في بناء النمل «لمساكنها»، فذلك موضوع آخر.!

* ملحوظة: في الوقت الذي ترصد فيه المعاهد العلمية والمراكز البحثية في العالم المتقدم مليارات الدولارات من أجل إجراء أبحاث متعددة على عالم النمل والطير والنبات، وعلى الماء والهواء، ومحاولات الحفاظ علي التوازن البيئي، ومحاولات توفير أكبر قدر من الرفاهية والصحة للإنسان، وغيرها.. الإنسان في بلادنا - خاصة الفقير والمهمش - ما زال يحاول إثبات أنه «مخلوق» له حقوق وكرامة، وأن من حقه أن يعيش دون إنكسار أو إذلال أو إهانة.. «مخلوق» كالنملة، ولكنه قد لا يدري حتى كيف يأكل من خشاش الأرض - أو يبني مسكنا - مثلها!..

كم يلزم بلادنا من الوقت والمآسي حتى ندرك تلك الضرورة البديهية -والحتمية- لحماية كرامة الإنسان وحقوقه..!؟

فلنبدأ إذن بمحاولة لفهم «مخاوف» النمل..!

الأربعاء، نوفمبر 21، 2012

أسيوط.. وصراخ الشعب المكتوم..

محمد منصور

لا أدري بما يمكن وصف ذلك التعامل البائس مع مأساة حادثة قطار أسيوط - على كافة الأصعدة..!

نرى من ناحية أصحاب التبريرات والدفاعات عن الرئيس ورئيس الوزراء بخصوص تلك الكارثة وإلقائهم المسؤلية على النظام السابق.! ونرى في المقابل أصحاب الإدعاءات، التي تطفو من آن لآخر، بأن الحادثة دليل على إن "المشكلة لم تكن في النظام السابق أو الحكومة، بل في الشعب نفسه"..!! ما هذه الإنحيازات والإفتراءات الباهتة على هذا الشعب المسكين؟ ألا يكفي ما هو فيه من غم..!

بخصوص الفريق المدافع بأن هذه هي التركة الخربة التي ورثناها من عهد مبارك، وأن فترة الأربعة شهور ليست كافية لإصلاح هيئة سكك حديد مصر حتى يمكن منع أو تجنب مثل ذلك الحادث المروع. هذا الرأي مردود، على أدني تقدر من الناحية العملية..

قرأت مؤخرا أن مصر بها ما يزيد عن 1300 مزلقان سكة حديد في جميع أنحاء الجمهورية. كم من الوقت (والمآسي) يحتاج وزير المواصلات، الذي إختارته الحكومة (المفترض أنها تمثل الثورة..!) حتى يشكل لجان فنية من المتخصصين في هندسة النقل والمواصلات (وما أكثرهم)، تقوم بزيارة كل مواقع سكك الحديد الخطرة في جميع أنحاء البلاد لتقييم حالة كل تقاطع وتحديد الحالات التي يلزم تغييرها فورا وإستبدالها بالمانع الآلي؟ مدة عمل تلك اللجان لن يستغرق أكثر من شهر، وعدد الحالات المتهالكة التي تستدعي الإصلاح الفوري لن يزيد عن المائة؛ وحتى إن كان أضعاف ذلك، فلن يستغرق إصلاحها وتجديديها أكثر من شهر آخر.. الأدهى أن التقارير الفنية عن الحالات المتهالكة والخطرة قد يكون موجود فعلا لدى الوزارة والهيئة منذ شهور في الأدراج وعلى الرفوف تنظر من المسئول أن يقوم بعمله..!! حتى من ناحية التكاليف، لا يتصور أن تزيد تكلفة تركيب آلية المزلقان الجديد عن 100,000 دولار.. أي بإفتراض أنه يلزم تغيير ربع مزلقانات سكك حديد مصر فلن يكلف الأمر برمته 30 مليون دولار فقط لا غير، وفي مدة لا تزيد عن ثلاثة شهور على أقصى تقدير. ألا تستحق حياة مواطنينا ذلك من المسئولين؟

والسؤال: هل منذ تسلمت الحكومة الجديدة مهامها، هل قامت وزارة المواصلات بالشروع فورا في علاج ذلك الأمر الذي يهدد سلامة وحياة الناس - بل سلامة وحياة أغلى وأعز من نملك على تراب أرضنا، أبنائنا وبناتنا الصغار، كالأطفال المساكين في حافلة أسيوط، الذين صدموا بلا رحمة، وأهلكوا وقطعوا أشلاء بكل قسوة على قضبان وعجلات وصفائح الحديد، التي لو نطقت، لقالت يا ليتني لم أخلق حتى لا يقتل بي أكثر من في الأرض رقة ووداعة وبراءة.!؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل..

..قس على ذلك مرافق الدولة الأخرى - خاصة فيما يتعلق بخدمات الفقراء الذين هم غالبية الشعب - هل قام كل وزير في كل مجال من مجالات الدولة الأساسية (الصحة، البيئة، الموارد المائية، الإسكان، التعليم،.. إلخ) هل قام بالمبادرة الواجبة عليه بالتصدي للحالات الخطرة التي تهدد أمن وسلامة وصحة وحياة المواطنين ومعالجتها وإصلاحها فورا..؟ لا أدري..! ولكن في الغالب لا؛ لأن الأولويات ليست ههنا - ليست من أجل بني آدم الذين كرمهم الله تعالى وحملهم في البر والبحر - الأولويات تائهة..

أما بخصوص الفريق الثاني الذي يريد إعفاء النظام السابق وحكوماته مما وصلنا إليه من تدني ومأسي ومهانة، وينسبون ذلك كله لعيب ما في الشعب..(!!) ما بكم..؟ أنسيتم الكم الرهيب من حوادث القطارات والعبارات والطرقات والعمارات والإنهيارات، التي حدثت في الماضي القريب؟ هل نسيتم ثلاثين (أو ستين) سنة متواصلة من التدهور المستمر في كل الخدمات العامة، حتى لم يعد هناك أي إدراك لمعنى كلمة "الخدمات العامة"..؛ المعنى المتبقي هو: التدهورات العامة، أو المهلكات العامة، أو الإهانات العامة، أو الإنحطاطات العامة.. سمها كما شئت..!

كيف بكم تلومون المحكومين ولا تلومون الحكام؟ كيف تلومون العامة ولا تلومون الخاصة أصحاب القرار؟ كيف تلومون المأمورين ولا تلومون الأمراء؟ كيف تلومون الركاب ولا تلومون الساقة؟ كيف تلومون المهمشين ولا تلومون الممكنين؟ كيف تلومون المهمَلين ولا تلومون المهمِلين؟ كيف تلومون العاجزين ولا تلومون القادرين؟ كيف تلومون السائلين ولا تلومون المسئولين؟ كيف تلومون الرعية ولا تلومون الرعاة؟ كيف..!؟

الشعب ليس هو القائد، وإن كان هو المسئول عن إختيار القائد (كما في الدول المتفوقة).. ولكن كم مرة في تاريخ مصر إختار الشعب حكامه؟ الشائع أنه ولا مرة، حتى كانت تلك "الثورة"..!! قد لا يعرف شعب كيف يختار قادته لقلة خبرته؛ وقد يأخذ الوقت من شعب قرونا كي يتعلم كيف يختار قادته، وقد يأخذ من شعب آخر عقودا، وقد يأخذ من ثالث أقل من ذلك أو أكثر..! وهناك شعوب كانت ضحايا لقيادات تعمل على حرمان شعوبها و"الإستثمار" في إضعافها وتجهيلها، ظانين أنهم بذلك يضمنون الإستمرار في السلطان.. ولكن لا دوام لسلطان إلا للخالق سبحانه.. وخير إستثمار للحاكم هو إكرام الرعية وخدمتها، وتعليمها وتهذيبها، وتدريبها وتشغيلها، وإعلاء شأنها.. وقد برع كثير من (قادات) شعوب العالم اليوم في ذلك.. فمتي يصيب شعوبنا الدور ..!؟

متي يدرك كل المتصارعون على تسلق سلم السلطة أن خدمة الشعب وإكرام آدميته هي الأولوية..؟ وإن سلطان الله كائن، بكم وبغيركم.. وبدونكم..! وإنكم لمسئولون.. ولن يشفع لكم شافع.. فتذكروا بن الخطاب.. واستعدوا للحساب.

السبت، سبتمبر 15، 2012

في كتاب فوق العرش..

محمد منصور

أكثر ما يدعو للحزن في قضية الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم هو ذلك القدر الغريب من الإنفعال والعصبية والعنف والتشوه الفكري الذي طغى على تعامل كثير من المسلمين مع الحدث - درجة هائلة من التشدد في الدين وإنعكاس الموازين وإنعدام الكياسة وغياب الحكمة في تناول الأزمة.

ففي الوقت الذي يقتل فيه بكل بشاعة مئات الأبرياء يوميا في سورية (وهم مسلمون حرمة دمائهم أعظم عند الله من حرمة الكعبة) لم يتحرك أو ينفعل المسلمون بمثل تلك الحمية لوقف المذابح الدائرة ضد إخوانهم وأهليهم لشهور.! وعندما ظهرت محاولة بائسة من قوم نكرات للإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم في صورة فيلم تافه -لا يستحق مجرد الذكر لا المشاهدة- ثار المسلمون وغضبوا أيما غضب بلا وعي ولا ضابط ولا رابط. وكأن غضبهم هذا سيمنع الإساءة أو يمحوها، وكأن فعلهم هذا سيحمي رسول الله، بل وكأن شيئا من تلك الإساءة سيصل أصلا إلى الرسول الكريم في مقامة المحمود عند الرفيق الأعلى.

للرسول رب يحميه :   هيهات هيهات؛ والله ما وصل، ولن يصل، هؤلاء المغرضون لهدفهم المسيء، إيمانا منا بكلام الله تعالى الذي قال مخاطبا رسوله الكريم: {{إنا كفيناك المستهزئين}}، و قوله: {{والله يعصمك من الناس}}، و قوله: {{واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}}، وغيرها من الآيات التي تؤكد حماية الله تعالي للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. كانت تلك عصمة الله للنبي في حياته، فما بالكم وهو الآن في دار خير من دارنا، في دار المستقر والرحمة عند رب العالمين؟


فكيف لمسلم مؤمن، على ثقة بربه ودينه أن يتصور، ولو لوهلة، أن تلك الإساءات والبذاءات ستنال من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأي شكل من الأشكال!؟ هذا عيب كبير في فهم المسلم لدينه، لا يصح.

إن كان هناك ضرر قد وقع من ذلك العمل الدنيء، فبمشاعر المسلمين، بإيذائهم في معتقداتهم ومقدساتهم.. ويؤكد ذلك قوله تعالى: {لن يضروكم إلا أذى..}. ومحاولات الإيذاء تلك ليست جديدة؛ فلقد كان ذلك في عهد الرسول، بل وفي عهد كل الرسل والأنبياء، وبصورة أشد إجراما مما نرى اليوم. وهل يجهل مسلم ما تعرض له النبي وصحابته في مكة من المشركين من إستهزاء وإيذاء وإهانة وتعذيب لسنوات، حتى نجاهم الله تعالى ونصرهم بعد ضعفهم؟

وإنما بعثت رحمة :   فما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع كل ذلك؟ هل كان من سنته -معاذ الله- السب واللعن والعنف والإنتقام؟ هل رفع يده على أهل الطائف أن يدمرهم الله بعدما أهانوه وقذفوه وأدموه؟ لا والله؛ بل كان أكثر الناس رحمة وأحسنهم خلقا، مع خصومة قبل ذويه، وكان يدعو لمن آذوه بالهداية (أن يخرج من أصلابهم من يقول :"لا إله إلا الله")؛ وبهذا أمر أصحابه وأتباعه. وإلا فكيف للمبعوث "رحمة للعالمين" أن يكون عنيفا أو لعانا أو فظا أو غليظا!؟ وكيف لعبد "الرحمن" الرسول الإنسان أن يكون كذلك؟ هذا أمر غير كائن.

وإليك مقتطفات من شرح المشكاة:
عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله ادع على المشركين قال: "إني لم أبعث لعانا". أي ولو على جماعة مخصوصة من الكافرين.. لقوله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم} "وإنما بعثت رحمة" أي للناس عامة وللمؤمنين خاصة.. ولقوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} قال ابن الملك: أما للمؤمنين فظاهر، وأما للكافرين فلأن العذاب رفع عنهم في الدنيا بسببه، كما قال تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} أقول: بل عذاب الإستئصال مرتفع عنهم ببركة وجوده إلى يوم القيامة. وقال الطيبي أي: إنما بعثت لأقرب الناس إلى الله وإلى رحمته، وما بعثت لأبعدهم عنها، فاللعن مناف لحالي فكيف ألعن؟ وروى عن أبي هريرة بلفظ: "إنما بعثت رحمة ولم أبعث عذابا".

فلا عجب إذن من الحديث عن "الرحمة" في سياق الإساءة للمقدسات؛ انظروا إلى وصفه تعالى لنفسه سبحانه في كتابه الحكيم، وفي أمر من أكثر الأمور إساءة لله عز وجل، في قوله تعالى: {{وقالوا اتخذ الرحمن ولدا (88) لقد جئتم شيئا إدا (89) تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا (90) أن دعوا للرحمن ولدا (91) وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا (92) إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا (93)..}}. هل علمتم بإساءة لحرمات -(كما هو معتقدنا كمسلمين)- أعظم من ذلك؟ وهل هناك إساءة للذات الإلهية أعظم من أمر قال الله تعالى فيه: {{تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا}}!؟


وعلى الرغم من ذلك، وفي هذا السياق المسيء لله عز وجل (الذي كان يمكن التعبير فيه بصفات الغضب واللعنة والعذاب)، وصف الله تعالى ذاته العليا بإسم محدد من أسمائه الحسنى، "الرحمن" - دلالة لا تخفى. ويأتي ذلك التعبير الإلهي العظيم بالرحمة تأكيدا على المعني الهام الذي جاء في الحديث القدسي عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي)).

فالحمد لله تعالى الذي غلب رحمته على غضبه في التعامل مع مخلوقاته، ولولا ذلك لهلك البشر جميعا.

هذا هو الإسلام، وأخلاق السماء التي أوحاها الله للبشر عن طريق رسلة الكرام، تحتم على أتباعهم التعامل بها. وإلا فما فائدة أن ندعي إتباع الرسل ونحن نناقض أخلاقهم.

أما عن الإساءة لمقدساتنا من فئام ظالمين فلن يذهبوا من الله بمكان، وإن لم يتوبوا فما لهم من عقاب الله أمان. واقرأوا قوله تعالى: {{إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا (57) والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا (58)}}.

دافعوا عن الدين  بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة :   لا ينبغي أن يخفى على مسلم أن محاولات إزدراء الإسلام وحرماته تهدف بالأساس تشويه صورة المسلمين أمام العالم بإستثارتهم وجرهم إلى مزالق التدني والفوضى، للظهور بمظهر الجهل والتخلف والهمجية. وقد أفاض كثير من العقلاء في شرح وتوضيح أن كل ذلك التصعيد والغضب -خاصة في زمن تكنولوجيا تناقل المعلومات- يعد ترويجا مجانيا لإساءة دنيئة لا تليق بديننا ونبينا، وإشهارا لنكرات ما استحقوا ذلك الإهتمام الإعلامي سلبا أو إيجابا.

وخير رد على ذلك يكون بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتعريف الناس بالرسول الكريم وبدين الإسلام، وبالتأسي بأخلاق الرسول في التعامل مع البشر، حتى يرى الناس أخلاقا تنشرح بها صدورهم لدين الله.

فكثيرون في هذه الدنيا لا يعرفون حرفا عن الإسلام، وعار علينا أن كل ما يعرفونه عن الإسلام يأتيهم في تغطية لأخبار العنف والفوضي والإعتداءات والقتل والعمليات الإرهابية، وباقي الأمور التي ينفر الناس من مجرد التفكير فيها..!

فلنقدم بضاعتنا للناس بصورة جميلة تليق بها؛ فوالله أنها لأغلى بضاعة، وإننا لأسوأ تجار.

وتذكروا قول الله تعالى: {{ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم (5)}}، وقوله تعالى: {{ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8)}}.

وقل رب اغفر وارحم، وأنت خير الراحمين.

الثلاثاء، مارس 27، 2012

التأسيس والتشريع والحكم والتحكيم.. من يكتب الدستور؟

محمد منصور

لا يحتاج المواطن إلى أن يكون خبيرا قانونيا أو فقيها دستوريا كي يميز إن كان أمرا ما يتسم بالعدالة والمساواة أم لا، خاصة إن كان الأمر متعلقا بمبادئ وحقوق عامة وأساسية بديهية - (كتشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور) - وليس بتفاصيل ذات صياغة قانونية معقدة لا يتقنها إلا أهل الصنعة.

لا أخفي سرا، أنني - وحتى أسابيع قليلة ماضية - كنت أتصور أن مسئولية كتابة دستور مصر الثورة ستكون ملقاة ببساطة على عاتق البرلمان المصري المنتخب، وأن تشكيل اللجنة أو الجمعية التأسيسية التي ستكتب الدستور سيأتي عادلا ومرضيا لجميع فئات الشعب بطريقة أو بأخرى، على الرغم أنني لم أكن متيقنا من كيفية ذلك..!

ولكن بعد متابعة التطورات الأخيرة في هذا الشأن إتضحت الأمور.. وصرت متعجبا صراحة من تشكيل الجمعية التأسيسية، ومن قرار مجلس الشعب (والشورى) الأخير بجعل 50% من "أعضاء" تلك الجمعية من نواب فيهما..!

ما قرأناه أن الإعلان الدستوري الشهير - المادة 60 - قد نص بأن يتولى مجلس الشعب (والشورى) "إنتخاب" تلك الجمعية التأسيسية بدون تحديد كيفية القيام بذلك..! من المفهوم إذا أن يكون لهما (بإعتبارهما السلطة التشريعية) مسئولية تشكيل تلك الجمعية من أجل الوصول إلى كتابة الدستور، ومن المفهوم كذلك أن يكون في تلك الجمعية ممثلين لمجلس الشعب (والشورى) فيها - وقطعا أن يشرفا إشرافا دقيقا على كل الخطوات لضمان نزاهة وعدالة عملية التأسيس - لكن لا أن يشكلا بمفردهما نصف أعضائها.. ففي هذا تجاوز..!

وللإيضاح: إن قرار ال(50%) ذلك يشبه مثلا أن يقرر رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب - رأس هرم السلطة التنفيذية - أن يكتب بنفسه نصف الدستور أو أن يعين بمفرده نصف أعضاء الجمعية التأسيسية، وسيكون متوقعا بطبيعة الحال أن يحاول كتابة المواد التي ستحدد وتفصل سلطاته كرئيس للجمهورية..! ويشبه كذلك أن يكون 50% من أعضاء تلك الجمعية معينين من قبل المحكمة الدستوريه العليا مثلا (السلطة القضائية)، والتي قد تحاول بدورها تعظيم سلطاتها في الدستور الجديد..!

فكيف إذا يتأتي أن يشكل أعضاء مجلس الشعب (والشورى) نصف الجمعية التي ستكتب صلاحيات الجميع بل وصلاحيات مجلسيهما في الدستور الجديد، خاصة في حالة إستمرارهما لدورة كاملة تحت مرجعية هذا الدستور الذي يكتبانه..؟ إلا "ربما" بإستثناء أن يتم حل المجلسين (أو على الأقل فصل أعضاء الجمعية التأسيسية من المجلسين) فور إعتماد الدستور الجديد مثلا، لمنعهم من التمتع بالعمل تحت ذلك الدستور لتجنب شبهة التواطؤ..!

وإلا فأين تطبيق العدل والمساواة والنزاهة في أمر مصيري كهذا - والمخالفة الصريحة لما يعرف بمبدأ " تضارب -أو تعارض- المصالح"..؟ ثم أين سيكون التوازن إن حدث وكان من ضمن أعضاء النصف الآخر لتلك الجمعية التأسيسية من لهم مصالح مشتركة مع أعضاء مجلس الشعب (والشورى)، وهو أمر وارد بطبيعة الحال..؟ فبما يمكن وصف هذا..؟ هل هذا من العدل والإسلام..!؟

ومثال آخر: إذا عين مثلا أصحاب شركة ما (تحت التأسيس) موظفا ليدير تلك الشركة، ولكنهم اكتشفوا أنه يلزم إصدار القوانين واللوائح لتلك الشركة لتنظيم العلاقات والحقوق والواجبات بينهم -قطعا- بصورة عادلة لأصحابها وللعاملين فيها وللجميع.. هل الصواب أن يجلس ذلك المدير ليكتب ويحدد تلك اللوائح والمبادئ - أو حتى نصفها - بنفسه بدافع أنه المدير، أم أن يقوم بدور المسئول عن إنجاز تلك المهمة بحيادية وعدالة كاملة كأن يختار أفضل من يكتب ويصيغ تلك القوانين - ليس فقط ممن هم أكفأ منه من أهل التخصص- بل ممن يمثلون كل الأطراف التي ستتأثر من ذلك..؟

فدواعي الصدق والأمانة والعدالة تستوجب الحيادية التامة في إنجاز تلك المهمة، لا أن يكتب هو بنفسة تبعا لفهمه ورؤيته وصفا وتحديدا لمبادئ الشركة وحقوق المالك وحقوق الموظفين والعاملين والتي من ضمنها صلاحياته هو كمدير..؟ ما الضامن أن ذلك المدير - حتى وإن كان إنسانا محل ثقة حقا - لن ينحاز في توزيع الحقوق والمسئوليات لهؤلاء ضد هؤلاء أو لجهة ضد أخرى أو لمن يعرف ضد من لا يعرف..؟ هل يعد ذلك عدلا مع الجميع..؟ هذا للأسف شكل من أشكال الإنحياز ومظهر من مظاهر عدم المصداقية - مع النفس ومع الآخرين.!

في كل المؤسسات والهيئات "والدول" الناجحة - ولدواعي العدالة والشفافية والحيادية - تكون الجهة التي تؤسس المبادئ الحاكمة، غير الجهة التي تقوم بالتشريع، غير الجهة التي تقوم بالتنفيذ، غير الجهة التي تقوم بالحكم في النزاعات - وفي كل الأحوال يكون هناك مشاركة عادلة من جميع المعنين بالأمر في عملية التأسيس.. فكيف (في الحالة المصرية) تقوم جهة واحدة من تلك الثلاث (أو "الأربع" بإعتبار عموم الشعب) بالإستئثار بنصف مهمة تأسيس المبادئ والنظام الذي سيحكم "الجميع"..!؟

الطرف الأحق في أصلح الأحوال هو صاحب الأمر، وصاحب الأمر هو الشعب الذي يطمح في العدل والمساواة. ولذلك قلنا - وقال الناس قبلنا - مرارا: أن الشعب كله لابد وأن يمثل تمثيلا عادلا، بكل طوائفه وكل تيارته الدينية وكل مدارسه الفكرية وكل مكوناته من النقابات العمالية والهيئات المختلفة، في كتابة الدستور قبل أن تقوم الأحزاب السياسية "بالتنافس الإنتخابي" فيما بينها، والذي يأتي بعد التأسيس لا قبله..

الأمر يا سادة ليس تخوينا ولا إتهاما لأحد، ولا علاقة له بمصلحة "غالبية أو أقلية" ولا "دينية أو دنيوية"، ولكن مصلحة الجميع - وإن لم نكن نعرف -(أو نرفض)- معنى "الجميع" فمصيبتنا أعمق من أن نحلها.. إن إفتراض ما قد يؤدي إلى الميل والجور والتسلط في قضية وضع الدستور هو أمر هام لدرء المفاسد ولحماية وحدة وإستقرار الدولة ولضمان العدل للجميع.. فالكل يرى نفسه شريفا وعفيفا وعادلا، ولا يثق بالآخرين مثلما يثق بنفسه، مما يدفع المرء لتقديم نفسه للمناصب، ولكن الله تعالى يقول في كتابه العزيز {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى}.. وقد نتعجب إذا عرفنا أن من الظالمين من كان في بادئ الأمر عادلا - أو موقنا من عدل نفسه - ولا يدرى أن سيتهي به الحال ظالما للآخرين، فظل يظن أنه يفعل العدل والصواب من وجه نظره، فقدم نفسة لكل عمل وبوأ نفسه لكل منصب، ولم يثق إلا في حكمه هو ولم يتبع إلى رأيه هو، حتى وصل به الأمر إلى الطغيان.! فلماذا الإستئثار وإقصاء الآخر..؟ وهل مصر "مغنما" كي نفعل بها ذلك..؟ أشركوا الجميع لتتوزع المسئولية وينتشر العدل..

وتذكروا يا "أصحاب المسئولية" مبدأ منع تضارب المصالح، ومبدأ فصل وتوازن السلطات، لضمان العدالة والنزاهة..

العدل والمساواة يرحمكم الله..

الجمعة، مارس 02، 2012

همسة في أذن مرشحي الرئاسة المصرية


الرجاء أيها السادة الإطلاع على الأحاديث النبوية الأتية، وتدبرها جيدا قبل الإقدام على الترشح والتنافس في إنتخابات الرئاسة المصرية القادمة.. نذكرها من باب العمل بقوله تعالى: { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } ..


أحاديث شريفة عن الولاية والإمارة (*) :

1. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ولي من أمر المسلمين شيئاً ، فغشهم فهو في النار " [ رواه الطبراني في الأوسط والصغير وصححه الألباني ] .

2. عن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه قال : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من إمام ، ولا وال ، بات ليلة سوداء غاشاً لرعيته ، إلا حرم الله عليه الجنة " [ رواه الطبراني بإسناد حسن ، وقال الألباني : حسن صحيح ] . وفي الحديث الصحيح لغيره ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما من إمام يبيت غاشاً لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ، وعرفها يوجد يوم القيامة مسيرة سبعين عاماً " .

3. وفي الحديث الصحيح ، عن ابن مريم عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه أنه قال لمعاوية : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين ، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم ، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة ، فجعل معاوية رجلاً على حوائج المسلمين " [ رواه أبو داود واللفظ له والترمذي ] ولفظه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة ، إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته " [ ورواه الحاكم بنحو لفظ أبي داود وقال صحيح الإسناد ] .

4. وعن يزيد بن أبي سفيان قال : قال لي أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين بعثني إلى الشام ، يا يزيد : إن لك قرابة ، عسيت أن تؤثرهم بالإمارة ، وذلك أكثر ما أخاف عليك بعدما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ولي من أمر المسلمين شيئاً ، فأمَّر عليهم أحداً محاباة ، فعليه لعنة الله ، لا يقبل الله منه صرفاً ، ولا عدلاً ، حتى يدخله جهنم " . [ رواه أحمد ]

5. وفي الحديث : " أيما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعة المسلمين " . (ضعيف) [ ابن حجر ]

6. وفي حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من عبد يسترعيه الله عز وجل رعية ، يموت يوم يموت وهو غاش رعيته ، إلا حرم الله تعالى عليه الجنة " ، وفي رواية : " فلم يحطها بنصحه ، لم يرح رائحة الجنة " [ رواه البخاري ومسلم ] .

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

* (منقولة بتصرف من موقع صيد الفوائد)