الثلاثاء، نوفمبر 01، 2011

اتقوا الله في الشباب..

محمد منصور
 
لا يستطيع أحد أن ينكر أن الثورة المصرية هي ثورة شعب بأكامله بمعظم طوائفه، وأن لكل جيل - بما فيهم جيل الكبار - دور هام فيها، شئنا أم أبينا .. ولكن لدي مجموعة من الأسئلة أحب أن أوجهها لبعض من جيل الكبار في مصر، أولئك الغاضبين من شباب الثورة لأنهم تجرأوا وتكلموا عن تميز دور جيل الشباب في صناعة الثورة عن دور جيل الكبار فيها، والناقمين عليهم لأنهم ادعوا أن الثورة، في مضمونها، هي ثورة جيل الشباب على فكر جيل الكبار.. مع العلم بأنني لا أعتبر نفسي من جيل الشباب، ولا جيل الكبار، وإن كنت أقرب إلى الأول عمريا.

إن كنتم عاتبين، يا سادة، على هؤلاء الشباب أنهم انتقصوا من دوركم في الثورة، فأجيبوهم من فضلكم، على الأسئلة التالية، بكل صدق وشفافية :

  • كم ممن دعوا إلى الثورة، قبل إندلاعها، كان من جيل الكبار، وكم منهم كان من جيل الشباب..؟
  • كم من شهداء الثورة، الذين قارب عددهم الألف، كان من جيل الكبار، وكم منهم كان من جيل الشباب..؟
  • كم من مصابي الثورة، وعددهم أضعاف هذا العدد - ممن فقدوا أعينهم، وتشوهت وجوههم، وبترت أطرافهم - كان من جيل الكبار، وكم منهم كان من جيل الشباب..؟
  • كم من محتجزي المحاكمات العسكرية (المغيبين في غياهب الحجز)، ويعلم عددهم المولى عز وجل، كم منهم من جيل الكبار، وكم منهم من جيل الشباب..؟
  • بعد الثورة، كم من جيل الشباب (صاحب كل تلك التضحيات الغالية) لديه من الإمكانيات كما لدى جيل الكبار أن ينجح في الإنتخابات القادمة.. و كم منهم لديه فرصة حقيقية أن يساهم في تشكيل مستقبل البلد الذي من المفترض أنه هو الذي سوف يعيشه.. بعد عمر طويل إن شاء الله..؟
  • ثم أيضا، بعد الثورة، ماذا جنى جيل الشباب أكثر من التخوين والانتقاص واللوم والتهميش، مقارنة بما جناة ويجنيه بعض من جيل الكبار، من تكوين أحزاب، وتسليط إعلامي، وجلوس على موائد المحاورات وصنع القرار... إلخ؟

هذه الأسئلة (المعروفة الإجابة)، نطرحها فقط للتذكرة بأن الثمن الأغلى والأعظم للثورة قد دفع من أعمار وآلام وأجساد ومستقبل هؤلاء الشباب، الذين كانوا أول من بادر بالتضحية وآخر من طمع في المقابل.. وأي مغنم أو مقابل يعوضان الإنسان عن فقدان العين أو اليد أو الساق.!؟

لقد قدم هؤلاء الشباب تضحيات أكثر من أي طرف آخر، في وقت كان فيها الغالبية مشغولين بحماية وتأمين مصالح شخصية ضيقة لا قيمة لها ولا رجاء منها.. حتى وإن كانت تلك المصالح بداعي أنها من أجل هؤلاء الشباب أنفسهم!

إن كان هناك آخرون، من دون الشباب، من لهم فضل ودور فاصل في هذه الثوره، فهم، بدون شك، كثير من فقراء ومحرومي هذه البلد، الذين استبشروا خيرا كبيرا في ثورة هذا الجيل، وساندوها أملا في إصلاح أحوالهم البائسة التي ولدوا وعاشوا فيها لعقود.. وما زالوا ينتظرون من أولي الأمر ثمرات تلك الثورة العظيمة.!!

يا سادة، لقد تسلم هذا الجيل المسكين البلد وهي غارقة في شتى أشكال الفساد، وكان لهؤلاء الشباب كل الحق في أن يثوروا على هذة التركة الفاشلة، رغبة منهم في مستقبل أفضل من ذلك الإرث الحضاري والانساني ".الفريد." الذي تركتموه لهم، بين باقي الأمم! ..

والأمر الأعجب أن من جيل الكبار، من لم يشكر هؤلاء الشباب على تضحياتهم، ومن يبخس قيمة دورهم العظيم في الثورة.. ليس هذا فحسب؛ بل وأيضا من يلومهم على تدهور الأحوال وعدم الإستقرار الذي تمر به البلد مؤخرا.!

إن كنت تختلف معي، فهذا حقك.. ولكن أرجوك "يا كبير"؛ اتقي الله في جيل الشباب، واعطه فرصته وحقه كاملين؛ فهو خير ما تملك مصر، ولقد أثبت من خلال هذه الثورة العظيمة أنه حقا كان أكثر شجاعة ومصداقية ووطنية من كثير منا..

فهلا أنصفتموهم، رحمكم الله..!