بقلم: محمد منصور
على ضوء تلك المشاعر المشتعلة من جراء ذلك الحدث الكبير، يجب أن ندعوا الله عز وجل أن يحمي تونس وأهلها من كل المخاطر المصاحبة لهذا التغيير المفاجئ، وأن تستقر البلاد ويستقر أمنها من أجل الحفاظ على أرواح الناس ومصالحهم، ونتمنى أن تلتفت النخبة المثقفة المخلصة للقيام بدورها في قيادة الشعب نحو الإستقرار والإصلاح، وأن يدرك ذلك الشعب الواعي أن الأهم من تكوين الإرادة هو خدمة الصالح العام للبلد كله وبصورة متحضرة، والحذر الشديد من خروج هذه الإرادة الوليدة عن إطارها النبيل التي بدأت به حتى لا تفسد فرحتهم، وخاصةً أن الصورة النهائية للموقف لم تتضح بعد، ولذا وجب على الكل مساندة الشعب التونسي في هذا الوقت الحرج وإن إستلزم ذلك إرسال معونات غذائية أو غيرها لسد الإحتياجات الضرورية لهذا الشعب العفيف.
أما بخصوص الحدث، فهناك شبه إجماع في المواقع الإخبارية المختلفة في تحليلاتها لثورة الشارع التونسي أنها بمثابة إنذار شديد للأنظمة السلطوية في العالم العربي، وذلك لعدة أسباب:
- أولها أنه لم يكن هناك أية مؤشرات تنبئ بحدوث تلك الثورة الشعبية السريعة المفاجئة في تونس.
Photo courtesy AP |
منذ أربعة شهور تقريباً كتبت مقالاً بعنوان "هل للشعب إرادة ؟" أتحسر فيه على غياب مفهوم الإرادة وحرية الرأي لدى الشعوب العربية، وأتساءل إن كان هناك فعلاً ما يسمى بالإرادة الشعبية، تاركاً الإجابة فيه - نظرياً - للشعب، وختمتها بالبيت الشهير للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي الذي يؤكد فيه إستجابة القدر لإرادة الشعب. لم أكن أتصور وقتها أن إرادة الشعوب قد تفوق ذلك الطرح البسيط للمقال بمراحل، وأنه في أسابيع قليلة سيشهد العالم كله شعباً عربياً تولد له إرادة حقيقية أمام أعين الجميع وهو الشعب التونسي الحر، وأن هذا الشعب الشجاع سوف يتخلص من الخوف ليجيب عملياً: "نعم، للشعب إرادة"، فالقدر كان يخبئ لهذا الشعب ليس فقط أن يكون صاحب إرادة، بل وأيضاً أن يمليها على السلطة العليا في بلده كي تحقق مطالبه في الحرية والعدالة والإصلاح، وإذا برئيس البلد يفر خارج البلاد خوفاً من هذا الغضب الشعبي.
على ضوء تلك المشاعر المشتعلة من جراء ذلك الحدث الكبير، يجب أن ندعوا الله عز وجل أن يحمي تونس وأهلها من كل المخاطر المصاحبة لهذا التغيير المفاجئ، وأن تستقر البلاد ويستقر أمنها من أجل الحفاظ على أرواح الناس ومصالحهم، ونتمنى أن تلتفت النخبة المثقفة المخلصة للقيام بدورها في قيادة الشعب نحو الإستقرار والإصلاح، وأن يدرك ذلك الشعب الواعي أن الأهم من تكوين الإرادة هو خدمة الصالح العام للبلد كله وبصورة متحضرة، والحذر الشديد من خروج هذه الإرادة الوليدة عن إطارها النبيل التي بدأت به حتى لا تفسد فرحتهم، وخاصةً أن الصورة النهائية للموقف لم تتضح بعد، ولذا وجب على الكل مساندة الشعب التونسي في هذا الوقت الحرج وإن إستلزم ذلك إرسال معونات غذائية أو غيرها لسد الإحتياجات الضرورية لهذا الشعب العفيف.
أما بخصوص الحدث، فهناك شبه إجماع في المواقع الإخبارية المختلفة في تحليلاتها لثورة الشارع التونسي أنها بمثابة إنذار شديد للأنظمة السلطوية في العالم العربي، وذلك لعدة أسباب:
- أولها أنه لم يكن هناك أية مؤشرات تنبئ بحدوث تلك الثورة الشعبية السريعة المفاجئة في تونس.
- ثانياً أن تلك الثورة وبهذه الكيفية تعتبر دليلاً دامغاً على حالة الإحتقان الشديد والغليان التي تعاني منها معظم الشعوب العربيه بسبب الأسلوب القمعي في الحكم وتفشي الفساد في معظم جوانب الحياة، وتأخر البلاد وفقرها الشديد عن باقي دول العالم لعقود طويلة على الرغم من ثرائها بمصادر طبيعية تكفل حياة كريمة لكل أفرادها.
- ثالثاً أنه وللمرة الأولى في التاريخ الحديث ومنذ ثورات التحرير ضد الإستعمار يرى العرب أحد شعوبهم المقهورة وهو ينتصر بإصرار من الشارع على حاكم مستبد في حالة نادرة كانوا يسمعون عنها فقط في كتب التاريخ.
- رابعاً أن التحول في الوصف الإعلامي للثائرين في تونس بين ليلةٍ وضحاها من "القلة المجرمة المخربة" إلى "الشعب الحر الشجاع" قد أعطى مصداقيةً للحدث حتى أن معظم الدول العربية قد صرحت رسمياً بإحترامها لإرادة الشعب التونسي، ولا يخفى على أحد أن كل تلك التطورات المثيرة قد تكون دافعاً لشعوب عربية أخرى أن تسير على نهج الشارع التونسي في المطالبة بحقوقها.
إذاً بعد هذه الإنتفاضة الشجاعة للشارع التونسي، هل ستدرك الأنظمة العربية أن ما زال لديها بدائل سلمية لإنقاذ كياناتها وإصلاح بلادها، وهل ستغير من سياساتها تجاه شعوبها، وتحترم إرادتهم في التحرر من الخوف والفقر والفساد، وتستجيب لمطالبهم في الحياة، والحرية، والتعليم، والعمل، والديموقراطية، والمساواة الإجتماعية، والمشاركة السياسية، وغيرها من الحقوق، أم أن هذه الأنظمة لا تزال مصرة على قمع شعوبها والإستخفاف بهم وتكميم أفواههم حتى يحدث صداماً ثائراً تلو الأخر نتيجةً لهذا التجاهل والتعالي مما قد يؤدي إلى عواقب لا يعلمها إلا الله تعالى؟ .. هذا ما ستجيب عنه تلك الأنظمة إن تدبرت .. !
![]() |
Photo courtesy AP |
شكر وتحية خاصة من القلب للشرفاء من شعب تونس على الإجابة. "نعم، للشعب إرادة".
يقول شوقي في وصف ما فعلتم:
وما نيل المطالب بالتمنى .. ولكن تؤخذ الدنيا غلابَ
وما استعصى على قوم منال .. إذا الإقدام كان لهم ركابَ
1 comments:
الحكومات خائفة والإعلام يؤكد أن مصر غير تونس - ولقد صدق الإعلام ... الأحوال في مصر أسوأ مما كانت عليه تونس في أغلب المجالات ... التعليم الصحة الصناعة... نعم لدينا نوع من حرية التعبير للتنفيس وليس للتغيير... سياسة (قل ما تشاء والحكمة ستفعل ما تشاء)... والسؤال إلا متى ؟
الظلم ظلمات ولكل ظالم يوم ولو بعد حين... ما حكمنا لنستعبد ... خلقنا لنستخلف في الأرض ونعبد الله ... فيا أهل مصر ماذا تختارون لأنفسكم ؟ ويا حكام مصر متى ترحمون شعبكم.
اعتبروا يا ذوي الالباب.
إرسال تعليق