الاثنين، نوفمبر 01، 2010

"هيا بنا ننافق .." !

لم أعد أطيق متابعة الإعلام أو النظر في الصحف القومية في مصر، فهي لا تجسد سوى الوضع المتدهور في البلد بمحاولتهم الدائمة لتمجيد وتلميع إنجازات وإسهامات كبار المسئولين، وكأنه لزام على الشعب المصري أن يقر بأنه لا يفهم وأنه لابد أن يغير حقيقة معنى الأشياء في حياته وواقعه، فيرى الفقر ثراءً، والتدهور إزدهاراً، والكذب صدقاً، والمعاناة رخاءً، والفساد صلاحاً، وكل شيء بعكسه. وكأن العيب في الأشياء أو في أعيننا نحن، أما كبار المسئولين فهم معصومون من النقد، مستحقون لكل مدح، غير مسئولين عن معاناة الناس وما هم فيه من شقاء، وأن اللوم دائماً يقع على الشعب كوقع الفقر عليهم.

المأساة في نفاق من ينافق هي:

أولا: الإبقاء على الأوضاع كما هي لأنهم يمجدون الراعي على الرغم من تقصيره ولا ينقدونه أو يوجهونه لم فيه مصلحة البلد والناس، وبذلك ينخدع الكل- أو قل إن شئت "يخدر" - بأن البلد في رخاء وهي بعيدة عن ذلك كل البعد.

ثانياً: زرع وتأصيل مبادئ النفاق لدي عامة الشعب وخصوصاً الضعفاء والجهال لأنهم دائماً يرون كبار البلد يمدحون ويشكرون على ما يصفونه بإنجازاتهم في نهضة البلد ولكنها نهضة منقوصة ينعم فيه القلة ويعاني فيها الغالبية، فيترسخ بداخلهم أنه لا سبيل للنجاح سوى النفاق، وأن ما يرونه من تدهور هو أمرٌ عادي فيستمر الفساد وتتدهور البلاد.

ثالثاً: ويتعلق بذلك النفاق طامة أخرى وهي زرع الخوف في نفوس الشعب والضعفاء من أن يقولوا كلمة الحق لكبار المسئولين لأنهم يرون الكل يمدح فكيف ينقدون هم وكيف يعرضون أنفسهم لخطر الوقوف أمام تيار النفاق الجارف، فيتأصل بداخلهم أن النفاق ضروري حتى يحموا أنفسهم!

رابعاً: يدفع مناخ النفاق الكثيرين إلى السلبية، فمن لا يريد أن ينافق يختار السكوت ظاناً أنه بذلك لا يشارك في الخطأ، ولكنه لا يدرك أو ينسى أن الدين قد نهاه عن السكوت عن الحق.

و لذا وجب على كل مصري شريف أن يحدد موقفه؛ إما أن يقفز مع هؤلاء في تيار النفاق - أو قل يستلقي مستسلماً فيه - حتى يقع ويهلك في شلال العدل والذي لابد وأن يأتي يوماً بإذن الله، وإما أن يرجل ويثبت ويتشبث بالحق وقول الحق حتى يساهم وينجح في إنتشال نفسه وبلده من تدهورها ليبنيها بحق وعدل بدون نفاق.

أهل النفاق ينادونك "هيا بنا ننافق، كي نسعد ونحظى برضى السادة الكبار .. !" ولكن لا؛ كفانا نفاقاً، وكفانا سكوتاً، فلقد أوشكت مصر أن تخرب، بل يرى الكثيرون أنها قد خربت فعلاً كأن ليس بها مخلصون! هم يخدعون أنفسهم ويريدون أن يصدقوا أن كل شيءٍ على ما يرام حتى لا يشعرون بتأنيب الضمير، ولكن نسألهم: إلى متى النفاق؟ كيف تسعدون ومعظم الشعب يعاني؟ كيف تهنأون ومعظم الشعب محروم؟ كيف تمدحون وتمجدون والبلد في تدهور؟

الشعب يقول لكم: قولوا كلمة الحق ولا تخافوا فهي أبقى وأرجى لكم عند ربكم، إن كنتم مؤمنين.

قولوها معي: كفانا نفاقاً ..

محمد منصور

http://www.almasryalyoum.com/ar/node/223244
http://masryyat.blogspot.com/

1 comments:

غير معرف يقول...

النفاق يفسد الحاكم و يفسد الرعية ثم يكون وبالاً على الصادقين من أبناء البلد لأنهم سيتهموا بالشغب والسوداوية عندما يقدموا نقداً بناءً لواقع البلد...

أول خطوة للتداوي هي إدراك المريض لمرضه و رغبته في العلاج. لكن بفضل أهل النفاق كل شيء على مع يرام والبلد على أحسن ما يكون والعلم والعالم بحاجة أن يتعلم منا فنون العلوم والقتصاد فليس بالإمكان أبدع مما كان ولسنا بحاجة لأن نغير شبراً واحداً في بلدنا المثالية.

الكلمة أمانة والرأي أمانة والنصح أمانة والله مطلع على عباده.

والله من وراء القصد.