الخميس، أكتوبر 21، 2010

تريدونها دولة أم عزبة؟

حال مصر الأن يؤكد أنها أقرب إلى عزبة منها إلى دولة، مع كامل إحترامي للدور التقليدي والتاريخي للعزبه أو القرية في مصر. ومن يختلف معي في الرأي فليقل لي:

ما قيمة أو ميزة أن تكون مواطن مصري في زماننا هذا إن لم تكن من عائلة كبيرة في البلد أو عضواً في الحزب الوطني أو من رجال المال والأعمال، أو إن لم تكن من نجوم السينما (التمثيل) الذين يهتم السيد الرئيس بمشاكلهم وعيدهم الذي نسبوه للفن والفن منهم بريء، أو إن لم تكن من نجوم الكرة ولعبهم بملايين الجنيهات وملايين المشجعين! أو إن لم تكن فرداً في أحد المؤسسات الأمنية والتي تحافظ أولاً وآخراً على أمن كبار العزبة وأوامرهم وتهمل مصالح الناس بل وتأتي عليهم، أو إن لم تنافق وتساير وسط كل تلك الأوضاع الفاسدة لكي تكون إنساناً ناجحاً ومؤثراً؟ إن لم تكن أياً من هؤلاء أو من معارفهم فأنت مواطن درجة تانية أو تالته، وإنت وحظك..!

أين الدولة في هذا؟ الدوله الحديثة لابد أن تتكون من مواطنين لهم أهمية ورأي يسمع ومشاركة فعليه، بينما العزبة تضم - في من تضم - فلاحين غلابة ليس لهم رأي أو قيمة في نظر الأعيان. الدولة الحديثة يقوم معظم الشعب فيها بإنتخابات برلمانية ورئاسية عادلة، أما في العزبه ففكرة الإنتخابات مضحكة أصلاً لأن حضرة جناب العمدة أو البيه صاحبها غالباً ما يخلفه ابنه من بعده في العمدية أو الملكية أو لأن هناك ثمة طرق أخرى لإنتقال السلطة لا دخل ولا علم لأهل البلد بها من قريب أو بعيد وكأن الأمر لا يخصهم!. إذاً بعد معاينة واقعنا السياسي والإقتصادي الجائر في مصر والذي نعرفه جميعاً، نسأل: هل نحن في دولة أم في عزبة؟

بإذن الله مصر سوف تصبح دولة معاصره متقدمة ينعم فيها الكل بالرخاء، و لكن لن يتحقق ذلك إلا عندما يحترم النظام كل مواطن مصري في بلده كما يحترم الأجنبي و(المذكورين أعلاه)، وعندما يحترم آراءه ويقدر مشاركتة وشكواه وحريته كفرد مهم في بلده أولاً حتى يصبح مهماً خارجها - والغريب أن المصري إذا كان قليل القيمة في بلده فكثيراً ما يكون ذو قيمة كبيرة خارجها! لن يصبح ذلك الحلم حقيقة إلا عندما يرد للمواطن الحق والحرية في أن يختار من يديرون البلد بإنتخابات حرة نزية غير مزورة ويغيرهم إن لم يحسنوا ويحققوا مصالح الناس، وعندما يرى المواطن عدل إجتماعي حقيقي ويرى فرص عمل ونجاح متاحة للجميع على حد السواء - بدون تمييز أو تحيز أو فساد - قائمة على الكفاءه والإجتهاد لا على الوساطة والمعارف، سيكون ذلك إن شاء الله عندما يطالب المواطن بحقوقه التي يكفلها له القانون بدون خوفٍ أو يأسٍ أو إستسلامٍ لفساد.

البداية أن يؤمن كل مواطن (مثقف ٌ وأمي، غني ٌ وفقير، مسلم ٌ وقبطي، رجل ٌ وإمرأة، كبير ٌ وصغير، وزير ٌ وغفير، وعامل ٌ وفلاح) بأهميته أولاً كإنسان خلقة الله حر كريم ذو كيان وقيمة وحقوق، وثانياً كفرد له أهمية ينتمي لبلد عريقة إسمها مصر عيب علينا جميعاً وخسارة كبيرة للكل أن تبقى في ذيل الأمم هكذا، و أن يؤمن أنه يستطيع أن يشارك في بنائها كما يشارك أبناء الدول - لا العزب - الأخرى في تطوير بلادهم.!

إن لم يستطيع الإنسان المصري أن يستشعر قيمته ويحصل على حريته في أن يشارك بإيجابية في إدارة بلاده عن طريق إختيار من يحكمه وأن يغيره فستبقى مصر للأسف كالعزبة، متأخرة لا يشعر ولا يبالي فيها النخبة والأثرياء بمعاناة العامة والفقراء. هل ما زلتم تريدونها عزبة ؟

عزيزي القارئ، كن إيجابياً وشارك في الإصلاح...
محمد منصور

الخميس، أكتوبر 14، 2010

هل للشعب إرادة؟

أشعر بإشفاق شديد على الشعوب العربية بوجه عام والشعب المصري بوجهٍ خاص. وسبب إشفاقي هو أننا شعب ممنوعٌ من أن يكون له رأي محرومٌ من أن يكون له إرادة مثل باقي الشعوب المتحضرة. إن أحد أسباب تأخرنا هو أن معظمنا لا يعرف معنى أنه "شعب" وأن له صوت وأن له رأي كأفراد قبل أن يكون مجموعة، وقد إستسلم الغالبية وقبلوا أن يعيشوا بدون أبسط حقوقهم في التعبير عن آرائهم بحرية وبدون خوف، فكيف يتوقع منهم أن يطالبوا بحقوقهم الأخرى..!

قرأت مؤخراً مقالاً عن أمر هام أراه بعيني أثناء إقامتي في أمريكا - وذلك على الرغم من وجود سلبيات ومساوئ عدة في المجتمعات الغربية ولكن لا مجال لذكرها هنا - أن في أي بلد متحضر يستطيع الفرد أن يسهم مع باقي أفراد وطنه في إختيار من يحكمه وأن يحاسبه بل و يغيره إن لم يقم بمسؤولياته، فهو يعرف أن هذا حقٌ أصيلٌ له كمواطن حر يعمل ويعيش ويدفع الضرائب لبلده كي تستقيم أمور الحياة للجميع. ويبدأ ذلك من تمتعه بحقه في أن يعبر عن نفسه ورأيه تجاه البلد والحياة بدون خوف وأن يشارك في صنع التغيير والإصلاح إذا لزم الأمر.

وأتساءل كيف يمكن للشعب أن يدرك أن له حقوق، وكيف يمكن أن ترد له إرادته بعد أن حرم منها طوال حياته حتى أصبح الأمر الطبيعي هو أن يعيش دون أن يكون له رأي أو دور في إصلاح بلده. وإن كان له رأي فعليه أن يلقيه في سلة المهملات أو في الطريق بجانب القمامة المتراكمة في شوارع البلد، أو أن يكبت تلك الرغبة -التي حرمت إجتماعياً وسياسياً- في أن يبدي رأياً أو أن يفعل شيئاً.

فبدايةً من البيت، يتعلم معظم الشباب من الصغر أن يحتفظ برأيه لنفسه خوفاً من أن يزجره الكبير أو أن ينظر اليه بإزدراء لأنه تكلم وسط الكبار أو لأنه تجرأ أن يكون له رأي أصلاً. فبدلاً من توجيه الصغير يتم حرمانه من أن يعبر عن نفسه وأن تكون له شخصيته الإيجابية، وفي كثير من الأحيان قد يحرم الشاب من أن يختار الجامعة أو الكلية التي يريد أن يدرس فيها إن لم يكن بسبب نظام التعليم العقيم فبسبب الأب الذي يقرر كل شيءٍ لإبنه أو إبنته لأنهم دائماً لا يعرفون. حتى في مسألة إختيار شريك الحياة، قد يحرم الشباب من أن يختار من سيكون أقرب الناس اليه وذلك لنفس الأسباب. لا أنكر أن هناك من أفراد الشعب من نشأ على عادات تربوية أكثر صحيةً ولكن الأمثلة السلبية كثيرة والكل يعرفها. والسبب الرئيسي في ذلك هو عدم تمييز الكثيرين بين إحترام قدر الكبير و إحترام حرية الفرد في الرأي والتعبير.

وتصل المشكلة إلى أوجها عندما تري خوف الشعب جمعاً وأفراداً من المشاركة بإبداء الرأي تجاه الأوضاع المتدنية في البلد أو محاولة تغيرها، وتري يأسه التام من أي محاولة للإصلاح الحقيقي بسبب تحجر آراء القائمين على الأمر وإتباعهم منهج "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".. والمقصود هنا ليس المواطن الذي يجلس على القهوة يشتكي الأوضاع ويسب في الحكومة، بل أقصد الغالبية التي تظن مخطئةً - بل وللأسف، موقنةً - أن رأيها غير مهم وأنه لن يسمح لهم بفعل شيء وأنه ليس هناك أي فائدة من المحاولة.

والنتيجة الطبيعية هي أن يصبح معظم الشعب سلبياً محروماً من المشاركة الحقيقية ومن إبداء الرأي في الأمور الصغيرة قبل القضايا الكبيرة التي تمس الجميع، مستسلماً راضياً بأي وضع حوله حتى وإن كان وضعًا بائساً وفاشلاً، ذلك لأنه كان دائماً ممنوعاً من أن يكون جزءًا من الإصلاح، مرغماً على أن يقبل ما يقرر له كما هو دون أن يفتح فمه ليبدي رأياً أو يمارس نقداً أو تحليلاً.

إن أولي خطوات الإصلاح في مصر أو أي بلد عربي تبدأ من تشجيع الشعب خاصةً الشباب علي إبداء آرائهم والتعبير عن أنفسهم بدون خوف، وتوجيهم و تشجيعهم على الإستمرار في المحاولة، والصبر عليهم حتي يصبحوا قادرين على المشاركة الإيجابية والنجاح في إصلاح بلادهم. وإن لم يقم القائمون على الأمر بذلك كما هو من المفترض عليهم فليقم به الشعب نفسه؛ إن مشاركة عامة الناس في إبداء الرأي وإسداء النصح جزء من صميم الدين؛ ففي الحديث أن النبي (ص) قـال: { الـديـن النصيحة }. قلنا: لمن؟ قال: { لله، ولـكـتـابـه، ولـرسـولـه، ولأ ئـمـة الـمـسـلـمـيـن وعــامـتهم }. إن تلك الإيجابية الشاملة في هذا الحديث الشريف بإشراك العامة في الأمر خير من تهميشهم وجعلهم مواطنين سلبيين راضين عن تدهور بلادهم. ولا ينبغي أن ننسى أن النصح لابد وأن يكون بالتي هي أحسن حتى لا تكون الفوضى. أما إن لم يقم لا أولوا الأمر ولا العامة بذلك فسيبقى الحال في تدهور، فالآية الكريمة تقول: {.. إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم .. }.

إن أبسط الأشياء التي يستطيع كل فرد أن يفعلها هو أن يفكر، وأن يكون له رأي في كيفيية إصلاح بلده، وأن يقوله دون خوف من سخرية الأخرين منه أو من بطش الأمن به، وأن يثق في قدرته على صنع الفارق، وأن يشارك رأيه مع الأخرين بحرية لعله يلهمهم أن يكون لهم دور في الإصلاح أكبر من دوره هو. فهذا ما يفعله الإنسان في ألمانيا وفرنسا وأمريكا وكل تلك الدول التي نتعجب دائماً من تفوقها وتقدمها، وهو ما يستطيع أن يفعله الانسان المصري في بلده إن أراد أن يكون له رأي و إراده بإذن الله.

ويبقى السؤال الذي يحتاج إلى إجابة؛ هل للشعب إرادة؟ ولن يجيب على هذا السؤال إلا الشعب نفسه إن أراد. يقول أبو قاسم الشابي:

<< إذا الشعب يوما أراد الحياة ... فلابد أن يستجيب القدر. >>

محمد منصور
http://masryyat.blogspot.com/
http://www.almasryalyoum.com/ar/node/197565

الأربعاء، أكتوبر 06، 2010

حرب أكتوبر وإزالة التراب

.تربينا منذ الصغر على أن نفخر بنصر السادس من أكتوبر المجيد، وعلي الرغم من محاولة البعض و خصوصاً في الغرب التقليل من هذا الإنجاز إلا إنني لم ولن أشك للحظة واحدة أن هذا النصر هو نصر حقيقي وباهر للإنسان المصري والعربي في زمن ليس بعيد عنا حيث ما زلنا نشاهد الأفلام الوثائقية التي تجسد العبور و المعارك والتي أنتجت مباشرةً بعد الحرب لتخلد لنا أياماً عظيمة أتت بعد إنكسار و نكسة.

ولكن يدور بذهني خاطر أحسب أن معظم المصريين يفكرون فيه اليوم، وهو ما الإنجاز الذي حققته بلدي بعد هذا النصر؟ هل إستطعنا مثلاً أن نسبق أو حتى ننافس دولاً مثل كوريا والسنغافورة وماليزيا و البرازيل وجنوب أفريقيا؟ وأنا هنا لا أقصد مجال الرياضة وكرة القدم والتي قد نتفوق فيها (بالعافية) أو بالمجهودات الفردية الإستثنآية لبعض الأفراد، ولكن أقصد مجالات الصناعة والإقتصاد ورفع مستوى دخل ومعيشة الشعب والثقل الدولي والتطور والتنمية.. إلخ، الواقع يقول أننا بعيدين تماماً عن المنافسة مع هذه الدول فضلاً عن الدول الصناعية الكبري بطبيعة الحال بل اننا تأخرنا كثيراً عن دولاً أخرى أقل منها شأناً، لماذا هذا التأخر إذاً!

كان نصر أكتوبر ناتجاً من إنسانٍ مجروح، أراد أن يحرر أرضه ويجبر كسرة ويسترد كرامته ويموت في سبيل ذلك بكل روح وشجاعة، ولأن مصر غنية بخيراتٍ كثيرة فقد نصرها الله على عدوها عندما توافق إخلاص التخطيط والعمل مع الإستخدام الأمثل للمصادر الربانية التي وهبها الله لهذا البلد من طاقة بشرية وأرض غنية وتاريخ غاية في الثراء ومهارةً مورثة وغيرها، لقد فقدنا الدافع بعد ذلك ولم يكن لنا مشروع قومي نعمل من أجله وسقطنا في حفرة الكسل أدارةً سياسيةً وشعباً ولم نفعل شيئاً يذكر بل أسأنا لبلدنا وتراثنا وديننا وآثارنا بشكلٍ مادي ومعنوي و نسينا معنى الجمال و النظام و الحضارة والإزدهار.

ما أسهل أن نلقي اللوم على غيرنا ولكن في ذكري ذلك النصر العظيم لابد أن نسعى لنصر آخر يكون في ساحة العلم والحضارة وليس ساحة القتال و الدمار، وكي لا يكون كلامي هذا لا معنى له لابد أن نربط هذا بأمر واقعي في حياتنا وهو أن يثق كل مصري وعربي بقيمته وقدرته على التغيير والمشاركة في إصلاح الأوضاع المتدنية عن طريق المشاركة السلمية والنشاط مع كل مخلص في البلد راغب في الإصلاح. عيب علينا أن نحسب أن مصر خاليةً من المخلصين والموهوبين شباباً وكباراً، هم في إنتظار أمثله ناجحة وشجاعة من عينة الدكتور البرادعي تلهمهم للعمل وتشجعهم لإسترداد وإكتشاف إمكانياتهم ومخزوناتهم المدفونة تحت تراب الخوف والكسل والشك.

كانت حرب أكتوبر لإزالة حاجز نفسي لم يعشه جيلنا ولكننا الآن أمام حاجز نفسي آخر يطول الكلام فيه. فدعونا نزييل تلك الأتربة التي منعتنا من النهوض وحجزتنا عن العمل بحرية والتعبير عن أنفسنا عن كيفية إصلاح بلدنا وإعزازها بنصر كنصر أكتوبر.

محمد منصور
http://masryyat.blogspot.com/



الأحد، أكتوبر 03، 2010

مدونة "مصريات"

السلام عليكم جميعاً،

هذه هي المرة الأولى التي استخدم فيها المدونات الإلكترونية. وقد أحببت أن اكتب شيئاً بسيطاً في البداية لأقدم به المدونة لزواري الأعزاء. أولاً يجب أن أقول إني سعيد لأنني أكتب بالعربية، وقد كان بإمكاني أن أبدأ المدونة باللغة الإنجليزية ولكني فضلت أن أتواصل مع أصدقائي المصريين والعرب بلغتنا الجميلة. ولقد أعطيت المدونة إسم "مصريات" للتعبير عن الثقافات والمورثات المتميزة والمختلفة للحالة المصرية في العالم العربي والإسلامي،  ولكن ذلك لا يعني أني سوف أقصر محتواها على مواضيع مصرية فقط، بل سوف أحاول إن شاء الله إضافة مواضيع قيمه في مجالات متعددة ( إسلامية، علمية، إخبارية، معمارية، وغيرها من المواضيع الهامة). كذلك أود أن أكتب مقالات ومشاركات تعبر عن رأيي الخاص في هذه المواضيع.

أتمنى شاكراً من الزوار الأعزاء المشاركة في إنجاح هذه الصفحات وجعلها مثال طيب على ثقافة مصر وشعبها و ذلك عن طريق المشاركة الجادة بالرأي و النقد البناء.

مع أطيب تحياتي،

محمد منصور
http://masryyat.blogspot.com/